الابتكار.. والجامعات المبتكرة 2-4

بقلم د. عبد العزيز بن محمد العواد

سوف يتم تسليط الضوء في هذا المقال على دور الجامعات المبتكرة في إحداث التحول المعرفي، فالجامعات المبتكرة تعد بمثابة البوتقة التي تقوم بتوظيف المعرفة بهدف تحقيق النمو الاقتصادي والصناعي وتنمية الإطار المحيط بها، ومن ثم فهي تقدم إطاراً للتفاعل الدينامكي ما بين مخرجات التعليم والبحث والتطوير من ناحية وقطاع الأعمال والقطاع الحكومي من ناحية أخرى.

فعلى المستوى النظري، ومع بداية عقد الثمانينيات من القرن العشرين، قام الباحثون الجامعيون في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بدارسة وتحديد ارتباط اقتصادات المعرفة والسياسات المحفزة على الابتكار والقائمة على الاستفادة من مخرجات الجامعات وربطها بقطاع الأعمال والصناعة من خلال حزم من السياسات والإجراءات الحكومية.

وفي فترات سابقة، تم إقامة المراكز العلمية بالجامعات بغرض مساندة قطاع الأعمال المحلي ولكن باعتراف محدود لدورها كمكون رئيس في إحداث التحول المعرفي ودعم الابتكار ما بين الجامعة وقطاع الأعمال.

وجاء التغير الجوهري بالعديد من الجامعات المبتكرة عن طريق زيادة وتيرة التفاعل المستمر وقيامها بتوفير الدعم المتواصل لقطاع الأعمال سواء من خلال المراكز العلمية أو تقديم خدمات الأعمال من خلال تطوير منتجات الجامعات بطريقة قابلة للتسويق التجاري والتي غالباً ما تكون مخرجات قائمة على البحث والتكنولوجيا من كليات العلوم والهندسة والتقنية.

وإلى ذلك الوقت الذي حدث فيه تطور جذري بالبنية التحتية للجامعات سواء من خلال إقامة مكتب التحول المعرفي والتكنولوجي والذي يكون مسؤولاً بشكل مباشر عن براءات الاختراع والتراخيص وحماية حقوق الملكية الفكرية، وكذلك مكتب دعم الأبحاث والذي يكون مسؤولا عن توفير الاعتمادات وتدبير التسهيلات التمويلية اللازمة. فإن الكثير من الجامعات التقليدية أضاعت فرصاً كانت ستمكنها من تحويل مخترعاتها وأفكارها إلى المجتمع وقطاعات الأعمال.

وفي الختام إن أهم ما يميز الجامعات المبتكرة عن مثيلاتها من الجامعات التقليدية هو وجود مفهوم متكامل (Holistic Approach) للتحول المعرفي وإرادة حقيقية للتميز من خلال معايير واضحة تستهدف تعزيز قدرة الجامعة على ريادة الأعمال أو بمعنى آخر ما يسمى إقامة مشروعات تجارية لمخرجاتها المبتكرة من الأبحاث العملية.

ومما يعزز ذلك التوجه اليوم أصبحت العديد من الدراسات الحديثة تصنف الجامعات المبتكرة طبقاً لمعايير وضوابط محددة مثل إعداد الأبحاث المنشورة، الاختراعات الجديدة، والقدرة على جلب اعتمادات تمويلية إضافية لدعم أنشطة البحث والتطوير.